يحتفل المسلمين في جميع أنحاء العالم بعيدين رئيسيين هما عيد الفطر و عيد الأضحى المباركين و لكل منهما تقام صلاه العيد، و لكل من عيد الفطر و عيد الأضحى أهمية دينية بالغة. فعيد الفطر أساس الفرحة على إتمام صيام شهر رمضان المبارك، و هو مناسبة دينية هامة تعبر عن الفرحة و السرور و شكر الإله على إتمام الصيام في هذا الشهر الفضيل.
ما هي صفة صلاه العيد؟
و عيد الأضحى المبارك مناسبة دينية قيّمة و سنّة مؤكدة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقته في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة المبارك، و هو اليوم الذي يلي يوم الوقوف بعرفة بالنسبة لحجاج بيت الله الحرام. و هو مناسبة دينية لتقديم الأضاحي تقربا إلى الله عز وجل، تأسيا بسنة النبي الكريم إبراهيم عليه السلام الذي إمتثل لأمر ربه بذبح إبنه إسماعيل عليه السلام، فجاءت البشرى من الله عز وجل و تم فداؤه بكبش عظيم.
ما حكم صلاه العيد؟
تعتبر صلاة العيد واجب على كل مسلم و هي من السنن المؤكدة التي يحث الشرع على حضورها بشدة و هي تؤدّى بشكل جماعي، فمن ترك صلاه العيد لعذر غير مبرر فهو آثم و فاتته خيرات كثيرة. كما أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان يؤدّيها بإستمرار مع كل أفراد المجتمع من الرجال و الأطفال و النساء أيضا، بل و كذلك حثّ النساء اللائي عليهن عذر شرعي، و كانت معفاة من أداء الصلوات، بأن يحضرن في تجمع صلاة العيد و لا يشاركن في إقامة الصلاه نفسها.
بل يحضرن للمشاركة في الفوز ببركاتها و سماع الموعظة في خطبتها، و تعميم الفرحة على المجتمع ككل بنسائه و رجاله و أطفاله. فإذا كان من المفروض على النساء المعفيات بعذر شرعي حضور صلاة العيد، فأولى على الرجال بحضورها بدون عذر مبرر، و إلا سوف يعتبر من المتخلفين عن إقامة شرع الله و أداء مناسك و واجبات الإسلام و هو آثم لا محالة.
ما هي شروط صلاه العيد؟
من أهم شروط صلاة العيدين و صحتهما هو أدائهما في الوقت المحدد لهما، فلا تحل قبل ذلك و لا بعد ذلك فهي مرهونة بدخول وقتهما. أما بالنسبة لأداء صلاة عيد الفطر فوقتها بعد شروق شمس أول يوم من شهر شوال، و صلاة عيد الأضحى المبارك تكون بعد شروق شمس اليوم العاشر من ذي الحجة.

و من شروط صحة صلاة العيدين حضور جماعة من الناس، و تصح إذا كان الجمع أكثر من ثلاثة أشخاص و تبطل إذا حضرها أقل من ذلك أو أقيمت قبل دخول وقت صلاة العيد المحدد.
المكان المثالي لأداء صلاه العيد.
كما جاء في السنة الكريمة فأفضل مكان لأداء صلاه العيد هو المكان المفتوح الذي يطل على السماء، كما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه الكرام من بعده، فقد جاء في حديث لأبو سعيد الخدري أنه قال:
"كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَخرُجُ يومَ الفِطرِ والأضحى إلى المصلَّى".
رواه البخاري في صحبحه بحديث رقم 956 و في صحيح مسلم حديث رقم 889.
لكن جل العلماء أجازوا تأديتها في المساجد عند الحاجة، كوجود موانع مثل المطر و الرياح أو أي مانع قوي يحول بين المواطن و بين وصوله لمكان فسيح لأداء صلاه العيد.
و حتى عدم وجود أماكن مفتوحة في بعض المدن، أجاز العلماء تأدية صلاه العيد في المساجد و ذلك تيسيرا على المؤمنين، و عدم ترك المجال لأخد أعذار و مبررات لتركها و عدم تأديتها في وقتها المحدد.
و موعد وقت صلاة العيد المثالي هو بعد طلوع الشمس بمقدار رمح في أول يوم من شوال بالنسبة لصلاة عيد الفطر، و طلوع شمس اليوم العاشر من ذي الحجة لصلاة عيد الأضحى. و تبقى المدة مفتوحة لأداء صلاه العيد بعد طلوع الشمس بمقدار رمح إلى وصول وقت الضحى، و لا يجب تركها حتى دخول وقت صلاة الظهر بل يجب أدائها قبل ذلك بمدة معينة، و يستحب قبل دخول وقت صلاة الضحى التي سنها الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم.
كيفية أداء صلاه العيد.
قبل التوجه لأداء صلاة العيد يستحب القيام بإحدى هذه السنن التي كان يواضب عليها السلف الصالح قدوة بالنبي الكريم، من بينها الإغتسال في صبيحة يوم العيد و لبس أحسن الثياب. و التعطر بما توفر من الطيب و الرائحة الزكية، لكن بالنسبة للنساء لا يجوز لهن وضع الطيب حتى لا تتسبب في فتنة الرجال أو التبرج بلباس غير محتشم، و يحق لهن لبس الجديد من الثياب شريطة أن لا يكون مثيرا أو كاشفا لزينتها.
و من السنن أيضا الخروج من البيت و التوجه إلى مكان إقامة صلاه العيد مع ذكر الله بالتهليل و التكبير و الحمد، و هذا ما ثبت في السنة النبوية أنه يستحب الخروج إلى المصلى لأداء صلاه العيد و رفع الصوت قليلا بذكر الله بقول:
الله اكبر، الله اكبر، الله أكبر ، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، و لله الحمد...
و يعاد تكراره هذا الذكر طول المسافة إلى مكان أداء صلاه العيد.
كما أنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قام بأداء أيّة صلاة نافلة قبل صلاه العيد أو بعدها، فقد روي عن عباس رضي الله عنه أنه قال:
"خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد، فصلى ركعتين لا يصلي قبلهما و لا بعدهما". رواه البخاري.
وبعد الولوج إلى مكان أداء صلاه العيد يستحب الوصول مبكرا و الجلوس في مكانك و تكرار ذكر الله عز وجل بالتكبير و التهليل و الحمد كما تم شرحه سالفا، و إنتظار دخول الإمام و إقامة الصلاة و إلقاء خطبتي صلاه العيد.
و هما خطبتين قصيرتين يتم فيها تذكير الأمة بأمور دينهم و دنياهم و هما بخلاف خطبة الجمعة، بحيث تقام صلاة العيد بقول المأموم "حضرت الصلاة يا عباد الله" و لا يتم إقامتها كالصلوات المفروضة، ثم تلقى الخطبة بعد أداء الصلاة.
كيف تصلي صلاة العيد.
إقرأ أيضا: 9 علامات تحذير خطيرة بأن كليتك لا تعمل جيدا.
الركعة الأولى في صلاه العيد: أداء تكبيرة الإحرام برفع اليدين إلى حدو الأذنين و لفظ كلمة التكبير "الله أكبر"، ثم وضع اليدين على الصدر بهذا الترتيب "اليد اليسرى على الصدر و فوقها اليد اليمنى".
بعد تكبيرة الإحرام تقرأ الدعاء الإفتتاحي: "سبحانك اللهم وبحمدك تبارك إسمك و تعلى جدك و لا إله غيرك".
ثم تليه تكبيرات أخرى متتالية قبل البدأ في تلاوة القرآن، و هناك إختلاف في عدد تكبيرات صلاة العيد بين المذاهب الأربعة، فمنهم من أجاز ثلاث تكبيرات فقط و منهم من أجاز سبع تكبيرات، و هذا ما يميز صلاه العيد عن غيرها من الصلوات.
لكن الشائع أن يكبر في الركعة الأولى من صلاه العيد سبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: "أن رسول الله كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمساً". [صحيح سنن أبي داود].
بعد إتمام التكبيرات المتتالية تبدأ في قراءة سورة الفاتحة و تليها سورة أخرى من القرآن كما في الصلوات المفروضة، ثم تتم الركوع و السجود كما في باقي الركعات المفروضة في الصلاة.
ركعة صلاه العيد الثانية: في الركعة الثانية من صلاه العيد تتم عدة تكبيرات متتالية كما في الركعة الأولى، مع الإنتباه لعدد التكبيرات التي يلفظها الإمام حسب المذهب المتبع في بلده.
ثم يقرأ فاتحة الكتاب و سورة أخرى جهرا كما في الركعة الأولى، ثم يتم أداء الركوع والسجود بصفة عادية كما في الصلوات المفروضة.
و بعد تتمة صلاه العيد يجلس الناس للإستماع إلى خطبتين موجزتين يتم إلقاؤها من طرف الإمام مباشرة بعد التسليم و إختتام صلاه العيد بهما.
إذ من الواجب على كل من حضر إلى صلاه العيد الإنصات لهذه الخطبة، و الفوز بنفحات ربانية و بركات إلاهية في هذا المشهد العظيم. مع العلم أنه أجيز للنساء اللواتي عليهن عذر شرعي الحضور إلى صلاة العيد و الجلوس في أماكنهن و عدم المشاركة في أداء الصلاة،لكن يستحب لهن الإنصات للخطبتين بعد صلاة العيد.
و يستحب أيضا تغيير وجهة الذهاب و الإياب إلى مكان أداء الصلاة، كما جاء في السنة النبوية الكريمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ذهب إلى صلاه العيد، يسلك طريقا و إذا رجع يسلك طريقا آخر، لذلك يستحب أن تغيّر طريقك الذي إتّخدته في الذهاب و تتّخذ طريقا مغايرا في الإيّاب من مكان الصلاة.
فعَنْ جَابِر رضى الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِي إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ» (رواه البخاري).